قصة
عندما دخل الغرفة ورآني كما أنا، عارياً، جاثماً فوق زوجته، لم يقل شيئاً. بل وقف، متسمراً، غير متأكد مما يجب عليه فعله. لم يبد غاضباً، ولم تبد هي خائفة. أما أنا فقد كنت متيقظاً حذراً. أي شيء ممكن أن يحدث الآن. من الممكن أن يفقد أعصابه، بل من حقه أن يفقد أعصابه. لو كنت أنا في مكانه لقتلتني بيدي العاريتيـن. الأمور تكتسب وضوحاً في مواقف كهذه تفتقر لها الحياة اليومية. أنا في خطر. هي في خطر. هو مصدر الخطر. الحق والمخطئ والمخطأ في حقه والذنب والأخلاق أمور لا مكان لها في هذه الغرفة. ما زال يقف هناك. ما زلت جاثماً فوق زوجته، أنظر ورائي ككلب يحاول رؤية ذيله. بدأت أشعر بها تنتفض تحتي. يداها على صدري تحاولان إبعادي عنها، ولكني جاثم. الوقت ما زال غير مناسب للحركة. هو المسيطر على الموقف الآن. كل الحركات تبدأ منه. الموسيقى ما زالت تصدح في الخلفية. أغنية لأسمهان أرغبها عند ممارسة الجنس. ترى هل يحب الأغنية هو أيضاً. هل مارسا الحب على هذه الأغنية في أوقات أسعد من حياتهما؟
(لقطتك يا عرص) كان ما قاله بعد فترة الصمت الطويلة تلك. لقطتك. وكأني أنا من خنته وليست زوجته. وكأن هناك رابطة أخوة ذكورية أبدية تعديت عليها أنا، وكأن زوجته معفية بحكم كونها امرأة. من ناحية أخرى، اختياره لكلمة عرص كان موفقاً. أنا فعلاً عرص. في هذا الموقف، على الأقل. ولا يمكن أن أنتهي إلى هذا الموقف لو لم أكن عرصاً لفترة زمنية معتبرة.
ابتعدت عن امرأته عندما أعلن بداية المراسم. ابتعدت هي للجهة الأخرى من الفراش. نظر إليها نظرة سريعة خالية من المشاعر. واضح أن الهدف الآن هو أنا. ما سأناله أنا من الممكن أن تناله هي أيضاً، ولكن الأمر الأكيد هو أن الأولوية لي.
كان أطول مني بعض الشيء، قوي البنية، ولكنه غير مخيف. يمكنني معالجته والهرب. هذا أمر أنا أكيد منه. واليقيـن ثميـن جداً في لحظات كهذه. لقد مررت بمواقف كهذه قبلاً. السرير والمقعد وطاولة التجمُّل هي كلها أمور أُحسن استخدامها عند الضرورة. ولكن ما حدث الآن لم يحدث قبلاً. لقد أدار ظهره وخرج. باب البيت انقفل بصوت عالٍ. طراخ. ممتاز، الأمر سيكون أسهل من ما توقعت. نظرت إليها وإلى عينيها المنفرجتيـن، اللتيـن على وشك القفز من وجهها، ولم تقل شيئاً. ما زالت على حافة السرير. الموسيقى ما زالت في الخلفية تصدح. هو مقطع أحبه. الطقس مشمس خارجاً، بطريقة تزعجني. الآن وقتي للهرب. هل أذهب للبيت أم لشرب القهوة؟ أين محفظتي؟ ماذا سيحصل لها لاحقاً؟ هل أتصل بالشرطة؟ ما اسم زوجها؟ ولكني سمعت الباب ينفتح مرة أخرى، وإذا به يمشى هادئاً إلى باب الغرفة مرة أخرى. إنه يحمل مسدساً الآن. لا بد أن المسدس كان في السيارة. هو من هذا النوع إذاً. النوع الذي يحمل مسدساً في السيارة. يشهره كل بضعة أشهر، لم يستعمله قط. ربما يشعره هذا بإنه مزيف. بغض النظر، الآن وقت استعماله. ما يقلقني أنه ما زال لا يبدو غاضباً. يقلقني لأني لا أفهمه. هي تفهمه، وهي ترتعد الآن. إنها تتوسل، وصوت أسمهان ما زال في الخلفية، لم يخطر ببال أحد أن يطفئ المسجل. إنها تقول له أنها آسفة، وأنها شعرت بالوحدة، وتدعوه أن لا يدمر حياته. وجهه خال من المشاعر. الرعب في عينيها مذهل. أم هو خوف؟ أرجو أن لا يكون خوفاً. الخوف يكون مما نعرفه، بينما الرعب يكون مما يستطيع إيذاءنا ولكننا لا نفهمه. إذا كانت لا تفهمه فهناك احتمال أن يفعل أي شيء، ممكنٌ أن يفجر رأسه، ممكن أن يغادر، ممكن أن ينهار باكياً، ممكن أن يضع المسدس جانباً وينهال علي ضرباً. ولكن إن كان هذا خوفاً، وهي تعرف تماماً مم هي خائفة، فالنهاية قادمة لا محالة. نظرة إلى الشباك. هو على بعد ٤ أمتار تقريباً، وبيني وبينه السرير. الخزانة لن تحميني. لم أواجه رجلاً غاضباً يحمل مسدساً من قبل. ليس هناك ما يمكن أن أقذفه به. إن قذفته بحذائي ربما أكسب ثانية أو ثلاث لوصول الشباك. أنا الآن أفترض أنه غبي. أو أنه سيتردد. أنا أيضاً أفترض أن الشباك مفتوح. من الواضح أن فرصي ضئيلة. أنظر إليها مرة أخرى. إنها تبكي، عيناها جميلتان، ربما الجمال يليـنُ قلبه. إنها ترجوه أن يضع المسدس جانباً "عشان نحكي". نعم، نعم “خلينا نحكي، بعرضك”. استعمال آخر كلمة لم يكن موفقاً. فلنحكِ يا صديقي. لنتكلم عن الموضوع. لنبحث شوؤن هذه العلاقات المتداخلة. فلننسَ لبعض الوقت أني دخيل، لنمثل أنني أستحق مكاني في هذا السرير، ولنتفاوض في مستقبل هذه العلاقة. ما زال متسمراً في مكانه. لم ينطق بأي حرف بعد كلمة عرص. هو ينظر إلي ولم ينظر لزوجته مرة واحدة. ليس عندهم أطفال، هذا ليس من مصلحتي.
أرفع الفرشة بقوة عجيبة وأضعها بطولها بيننا. أجرها على طرفها وأتحرك نحو النافذة. الشرشف ينجر على الأرض. لم يطلق النار.أنا لا أسمع ولا أرى شيئاً، ولكني أسمع وأرى كل شيء. ما زلت أسمع أسمهان، أنا أسمع الأطفال في الخارج ينادون مطالبيـن بالكرة، أنا أسمع صوت زاوية الفرشة يزحف على سجاد الأرضية، أنا أسمع شهقاتها. محاولتي تافهة ولكنها ضرورية. أصل إلى الشباك، يد ترفع الفرشة والأخرى تفاوض الشباك. الشباك مقفل. لا أعتقد أن مشاعري تجاه شباك كانت بهذه القوة من قبل. الشباك يصر على إقفاله. إنها تصرخ بي الآن لسبب ما. أصابعي ما زالت تتمسك بالفرشة، ولكنها تنزلق مني. الفرشة على الأرض، وأنا أواجه قاتلي مرة أخرى. ما زال وجهه خالياً من المشاعر، ولكن المسدس أصبح أمامه. ذراعه ممتدة نحوي. أشعر بصدمة هائلة في صدري، ثم أخرى. أنا على ركبي الآن، ما زلت أسمع أسمهان. كل شيء عال جداً. هناك شيء ما يصرخ في أذني. صوتٌ عالٍ وهائل ويحيط بي من كل الجهات. يقترب الصوت، ولا مجال للهرب.